لبيك يارب لبيك

أكتب هذه الحروف قبل انطلاقي الى مكة بعشر ساعات وكلي أمل وفرح بلقاء بيت الله، راجياً عفوه وكرمه، فمعي ذنوباً لا تحملها الجبال، اسأل نفسي الآن يا ترى ماء زمزم سيغسل ذنوب هذا العاصي، رجائي بخالقي كبير ان يستر الذنوب ويغفرا، لم اعهد ذاتي يوماً متشوقاً لشيء كما انا متشوق الآن لبيت الله، وأن انزل بأرض نزل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسأل الصخور عن ذلك النور الذي جاءهم، بين تلك الجموع سأكون وأنادي ربي واصرخ باكياً وراجياً من الله عفواً وهداية وبداية وولادة جديدة لي، ولكل من أحب ولكل من أعرف، وأحمده حمد نابعاً من عروقي وآهاتي ان جعلني مسلماً، ان خلقني موحداً به، ان اكرمني ومن علي وغمرني، سأعتذر من ربي مما بدر مني سابقاً،

يا مَنْ أتاه النــاسُ كـي يتطهــــروا           وأتيتُ فيهم كـي أعــــودَ مُطَهَّــــرا

لكننــي دون العبـــادِ جَميعِهِــــم             ذنبي عظيمٌ قد يَنُـــوءُ به الــــورى

فَطَمِعتُ فيكَ وجئتُ بيتك ضارعًـــا         مُتضرعًا والعيـبُ مني قـــد جـــــرى

ناديـتُ يــا ألله فاقبــــل توبتـي            هَذِيْ صحيفـةُ مَنْ تَجَنَّــى وافتـــــرى

وخلعتُ ثوبـيَ والحيـــــاةَ وما بهــــــا     ولبستُ ثوبَ الفقــرِ أشعثَ أغبــــــرَا

أنا ما أتيتكُ بالصـــلاة فليــــس لـــي        علــــمٌ ولا عمـلً ولا ما أذْكُــــــــــرا

بل جئتُ بابــكَ يا رحيـــمُ بِذَلَّتــــِـي            وبُكل هذا الدمعِ يجـري أَنْهُــــــرا

لبيـــــك يا ألله فاقبلهـــــــا إذًا            مِنْ عائـــبٍ قد عــابَ ثم استغفــــــــرا

كنت اشتاق الحج واتمناه، لأن لا شيء يعدل التوبة هناك والعزم عليها، كنت أتفاءل بها وأعلم اني سأكون هناك يوماً ،بعد وصولي من سوريا الى مقر عملي في الرياض ،وبعد دوام يومين فقط؟ لا أعلم ما الذي دفعني لسؤال مديري عن فكرة الحج، سألته استفساراً كي احضر نفسي في السنين القادمة، فلم اجد الا رجلاً هب من مكانه وغير من حاله، وسألني بسرعة أتريدُ الحج، فاجأني سؤله؟؟ انطقني الله بها فورا قلت وهل هذا سؤال يسأل طبعاً، فأخرج هاتفه من جيبه واتصل بمدير احدى حملات الحج وأخبره ان يحجز لي، ضحكتُ في سرّي، لأني حديث عهد في العمل ولا املك كل تلك المصاريف، لكني لم اشأ ان اقطع له مكالمته، انتهى وقال لي بسرعة الى مكتبك ولا تتفوه بحرف، ذهبت الى مكتبي ولا أعرف ما لذي حصل، بعد فترة جاءني بورقة( احتفظت بها وفاء له) مكتوب بها التالي: حجتك على حسابي ولا تخبر أحداً فقط ادعي لي بالتوفيق. وغادر!!

اغرورقت عيناي بالدموع فرحاً ولم تعد قدماي تحملني، حمدتُ الله على هذه النعمة وهذا الكرم، وها أنا ذا الآن انتظر واتحرك يمنة وشمالاً وحقيبتي جاهزة منذ البارحة، واناظر الساعة التي سأسير الى مكة، سأدعي له بالخير ما حييت، سأذكرُ هناك ربي اغفر لي ولوالديَ ولزوجتي وعائلتي واقربائي واصدقائي وللمسلمين، وأذكرهم جميعاً فرداً فرداً من أوصاني واستوصاني، جموع اخواني وأحبابي وخلاني، وأرجوا لكم ما كان لي من الخير،شكراً أستاذ يمان(فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ”) فجزاك الله خيراً “من قلبي نابعة”، شكرا أخي محمد حماش، شكراً يوسف شكراً لكل من رأيت في عينيه بريق فرح لي بهذه النعمة

أذكروني بالخير ريثما اعود، ويعلم الله أني ما كتبتُ ما كتبت الا تخليداً للخير الذي يحصل معي وإيصالاً لمثالٍ عن الأمل بالله والتفاؤل الذي انادي به، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته التقيكم بعد العيد وكل عام وانتم بألف خير.